فصل: استيلاء ابن رائق على الشام.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وزارة ابن البريدي.

قد تقدم لنا مسير الوزير أبي الفتح الفضل بن جعفر بن الفرات إلى الشام ولما سار استناب بالحضرة عبد الله بن علي البصري وكان يحكم قد قبض على وزيره خلف ابن طباب واستوزر أبا جعفر محمد بن يحيى بن شيرازاد فسعى في وزارة ابن البريدي ليحكم حتى تم ذلك ثم ضمن ابن البريدي أعمال واسط بستمائة ألف دينار كل سنة ثم جاء الخبر بموت أبي الفتح بن الفرات بالرملة فسعى أبو جعفر ابن شيرزاد في وزارة أبي عبد الله للخليفة فعقد له الراضي بذلك واستخلف بالحضرة عبد الله بن علي البصري كما كان مع أبي الفتح.

.مسير يحكم إلى بلد الجبل وعوده إلى واسط واستيلاؤه عليها.

كان يحكم قد أرسل ابن البريدي وصاهره واتفقا على أن يسير يحكم إلى بلاد الجبل لفتحها من يد وشمكير وأبو عبد الله بن البريدي إلى الأهواز لأخذها من يد معز الدولة ابن بويه فسار يحكم إلى حلوان وبعث إليه ابن البريدي بخمسمائة رجل مددا وبعث يحكم بعض أصحابه إلى ابن البريدي يستحثه إلى السوس والأهواز فأقام يماطله ويدافعه ويبين له أنه يريد مخالفة يحكم إلى بغداد فكتب إليه بذلك فرجع عن قصده إلى بغداد وعزل ابن البريدي من الوزارة وولى مكانه أبا القاسم بن سليمان بن الحسين بن مخلد وقبض على ابن شيرزاد الذي كان ساعيا له وتجهز إلى واسط وانحدر في الماء آخر ذي الحجة سنة ثمان وعشرين وبعث عسكرا في البر وبلغ الخبر ابن البريدي فسار عن واسط إلى البصرة واستولى عليها يحكم وملكها.

.مسير ركن الدولة إلى واسط ورجوعه عنها.

لما استقر ابن البريدي بواسط بعث جيشا إلى السوس وبها أبو جعفر الظهيري وزير معز الدولة أحمد بن بويه ومعز الدولة بالأهواز فتحصن أبو جعفر بقلعة السوس وعاث الجيش في نواحيها وكتب معز الدولة إلى أخيه ركن الدولة وهو على أصطخر قد جاء من أصبهان لما غلبه وشمكير عليها فلما جاء كتاب أخيه معز الدولة سار محمد إلى السوس وقد رجع عنه جيش ابن البريدي ثم سار إلى واسط يحاول ملكها فنزل في جانبها الشرقي وابن البريدي في الجانب الغربي واضطرب عسكر ابن بويه واستأمن جماعة منهم إلى ابن البريدي ثم سار الراضي ويحكم من بغداد إلى واسط للإمداد فرجع ركن الدولة إلى الأهواز ثم إلى رامهرمز وبلغه أن وشمكير قد أنفذ عسكره مددا لما كان كالي وأن أصبهان خالية فسار إليها من رامهرمز وأخرج منبقي منها من أصحاب وشمكير وملكها فاستقر بها.

.استيلاء ابن رائق على الشام.

قد تقدم لنا مسير ابن رائق إلى ديار مضر وثغور قنسرين والعواصم فلما استقر بها حدثته نفسه بملك الشام فسار إلى حمص فملكها ثم سار إلى دمشق وبها بدر بن عبد الله الأخشيدي ويلقب بدير فملكها من يده ثم سار إلى الرملة ومنها إلى عريش مصر يريد ملك الديار المصرية ولقيه الأخشيد محمد بن طغج وانهزم أولا وملك أصحاب ابن رائق خيامه ثم خرج كمين الأخشيد فانهزم ابن رائق إلى دمشق وبعث الأخشيد في أثره أخاه أبا نصر بن طغج وسار إليهم ابن رائق من دمشق فهزمهم وقتل أبو نصر فكفنه ابن رائق وحمله مع ابنه مزاحم إلى أخيه الأخشيد بمصر وكتب يعزيه ويعتذر فأكرم الأخشيد مزاحما واصطلح مع أبيه على أن يكون مصر للأخشيد من حد الرملة وما وراءها من الشام لابن رائق ويعطى الأخشيد عن الرملة في كل سنة مائة وأربعين ألف دينار.

.الصوئف أيام الراضي.

وفي سنة اثنتين وعشرين سار الدمستق إلى سميساط في خمسين ألفا من الروم ونازل ملطية وحاصرها مدة طويلة حتى فتحها بالأمان وبعثهم إلى مأمنهم مع بطريق من بطارقته وتنصر الكثير منهم محبة في أهليهم وأموالهم ثم افتتحوا سميساط وخربوا أعمالها وأفحشوا في أسطوله في البحر ففحتوا بلد جنوة ومروا بسردانية فأوقعوا بأهلها ثم مروا بقرقيسيا من ساحل الشام فأحرقوا مراكبها وعادوا سالمين وفي سنة ست وعشرين كان الفداء بين المسلمين والروم في ذي القعدة على يد ابن ورقاء الشيباني البريدي ستة آلاف وثلثمائة أسير.